Wednesday, March 7, 2012

لا تبك ...... فأنا ماض أبحث عن الحياة


سنة .... كيف تمضي, و كيف مضينا. سنة بألف سنة..... كيف مضى!

أهل الكهف الذين ناموا تحت عروش الموت أفاقوا من نومهم جياع ..... جياع للإنسانية.
سنة بألف سنة . كنت ضريرا فأبصرت, كنت أصمّاً فطربت, كنت مشلولا فمشيت,و كنت أبكما فصرخت.... صرخت أنا حيّ! لم أمت, لم تقتلني بعد , ما زال الإنسان في جوفي حيّاً فيه بصيص نبض.

 خرج شاهقاً للحياة فقتَلتَه, و لكنه لم يمت , نهض و نفض عنه غبار رصاصة و عاد إلى بحثه عن الحياة. سجنْتَه و لكنه لم يَلِنْ, ترك لك رسالة مع الأصفاد, هناك في قبو التحقيق بجانب جهاز الكهرباء و أحرق بجسده المعتقل ثم خرج كإبراهيم ليكمل بحثه عن الحياة ... خرج عطشا للحرية, لم تسْقِه إلّا دما فازداد عطشا و اصرارا و واصل طريقه يبحث عن الحياة .

نظرت إليه يوماً؛ كان طفلاً ينظر الى شاشة تلفاز . قال لي : كل ما أريده هو أن أكون لي , و" أنا لست لي ".
أتى ضاحكاُ بعد شهر و قال : لقد عاد لي قلبي, تعال تحسس نبضي ! بدأت أحس بدم يجري في عروق جفّت تحت  حفنة نار حرقت أجسادنا لتوهم نفسها أنها الشمس في قبّة السماء. مرّت شهور أخر و هو يستعيد شريانا تلو الأخر عضوا تلو الأخر يوما بعد يوم.
  
لكنني فزعت. فزعت عليه و فزعت منه. لم أدري ما كان به, لم أدري ما حصل له, فقد خرج يوما و لم يخبرني بما سيفعل, لم يستمع الى استغاثاتي و مواعظي اليومية,(فهو لم يقرأ يوميات المثقف العربي في جرائد متعددة الألوان, فبين تشييع و غبار صاروخ و رصاصة لاوقت لديه الوقت ليتصفح الثرثرات الالكترونية)........ثم  رأيته ذات يوم هناك, صورة على التلفاز مدمّياً ملوّثاً مرميّا على الأرض. رأيته لحظة حنّطها مصور وأوقفها خارج نطاق الزمن, مسجّى بين الأيادي, محمّل فوق الأكتاف..... رأيته يومها و بكيت.

 ثمّ فاجأني . عاد مضرّجا بالدماء و أنا مضرّج بدمعي. ابتسم و مسح دموعي بطرف قميصه, قبّل جبهتي و ضمّني بين ذراعيه  ثم قال لي: لا تبك. تاريخنا أنقى من دموع تذرف على  جسد, و أشرف من حبر يكتب على ورق .... تاريخنا نكتبه بدمنا على أرض توّاقة لغيث و مطر ............. واعلم أنني لن أدفن ثانية تحت عروش الموت.

لا تبك بعد اليوم ....... فالدمع لا يليق بولادة وطن !!!

2 comments:

  1. كلّ ولادة تأتي بالتعب والشدّة, ولكن يا لفرحة بالمولود حين يأتي :)

    ReplyDelete
  2. لقد عاد لي قلبي, تعال تحسس نبضي !

    ReplyDelete