Sunday, March 25, 2012

مشاعري ...أيضاً حرّة



 كل ما أتمنّى في يوم ما هو أن أستطيع اختزال الضوضاء التي تحيط بالعلاقات الإنسانية المحيطة بنا لتعود إل بساطتها الأولى و جوهرها الأصل...... البساطة أصل السلام الداخلي و الصراحة بدء التعايش مع النفس.
 
لماذا عليي أن أفكر مليون مرّة قبل أن أرسل رسالة لأخبر أحدهم بأنني مشتاقة. و لماذا عليي أن أعيد التفكير في تركيب كل جملة أرسلها لكل شخص و كأن الشخص الأخر هو العدو الأبدي. وعلى كل رسائلي و أفكاري و كلماتي أن تمرّ عبر سلسلة من المخابرات الفكرية و النفسية حتّى لا تصل للجبهة المقابلة إلا  بطريقة تريدها المحكمة العليا لإدارة الشؤون؟؟؟؟!!!!
  
لماذا كلما حاولت شرح حبّي للتعبير عن مشاعري وبحرّية أمضي ساعات أستمع لمحاضرات عن عدم فعّالية طريقتي " البسيطة" بين الناس و دروس مطوّلة في تعقيد حياتي و نصائح لزيادة القلق و التوتّر في ساعات يومي .
 
الحياة  بين الناس ليست جبهة معركة و العلاقات الإنسانية ليست ساحة قتال, اذا وجدت وشاح الفتاة الداخلة من الباب جميلا, فلم لا أقول لها أنّه أعجبني ؟ ألن أسعد إن قال لي أحد أن وشاحي الحريري الأزرق جميل؟ إذا اشتقت لأحد لماذا لا أطلب الرقم بكل بساطة وأتكلم ؟ لماذا كل هذا الكبرياء العاطفي الذي لا يفيد أحداً منّا؟ لماذا لا يمكنني معاتبة صديق على فعلة ما بكل بساطة, أليس أفضل من جفاء لشهور لا يورث إلّا التعاسة ؟ لماذا نقف أمام كل مشاعرنا و نكبتها و نمارس أشد وسائل القمع ضدها؟ و كأننا نريد أن نثبت للأخر بعدم حاجتنا له,علماً أن كلانا يعلم أن إثبات تلك الفرضية ضرب من الجنون فنحن خلقنا لنفرح و نحزن سوياً, لنشارك ما يتراود داخلنا.
 
نطالب بالحريّة و نقمع أنفسنا, و نمسك أحاسيسنا بقبضة المسلمات وقواعد التخفّي تحت جدار من الجصّ العازل للحرارة, لا دفء يخرج و لا برد يتسرّب ....  
 
الحياة أبسط من أن تقف عند مشاعرك لتكبتها, الحياة أبسط من أن تعقّد يومك لتفكّر "ماذا سأقول", هل أعاتب, أيمكنني البكاء أم أنّ العشرات ستحدّق فيني , هل أضحك أم أنّ المئات ستمطرني بالانتقادات .
 

"ماذا تقول له إن جاء يسألها ؟ " اختصر نزار قباني مجادلة و حوارا ذاتياً كاملاً ليصل بأن تقول له " إني ألف أهواه" فقولي له إنّي ألف أهواك و اتركي الجدل لقصائد في كتب شعر.
 
كيف يمكن أن أعرف بأنك تحبّني إن لم تقل لي ؟ كيف يمكن أن أعلم بأنك حزين إن لم تقل لي ؟ كيف يمكن لي أن أعلم أنك سعيد إن لم تقل لي ؟
 
بحثت عن جنّيات لتخبرني بخبايا النفس و لكن الجنيات سافرن منذ ألف ليلة و ليلة. و لا خيار لنا سوى أن نتكلّم بلا حدود بلا قيود............. بحرّية.

Thursday, March 15, 2012

حدث في مثل هذا اليوم أنّ الشعب قام ..... حقّاً قام



حدث في مثل هذا اليوم ... و من عام ألفين و احدى عشر أنّ الشعب قام .....  حقّاً قام.
في مثل هذا اليوم , عرف الخوف طريقا من قلوبنا, و عرفت الكرامة طريقا لقلوبنا, طريقين لا عودة فيهما الى الوراء. ثلاثمئة و ستة و ستون يوماً من رحلة بدأت دون أن نعلم, بدأها شقاء طفولة متفتّحة لم ينكسر فيها روح العبث و تجريب المستحيل,طفولة مشينا وراء برائتها و نقيّها في درب لم نعلم الى أين سيودي ولكن طهارة قلوب أطفالنا ملأتنا إيماناً. فسارت نساؤنا بشموخهنّ و رجالنا بصمودهم في طريق ينزعون الشوك و يسقون الأرض دما, دموعا و أهازيج.

طفولة بلدي, تنبت العجائب, تخلق الربيع أينما ذهبت, خلقت ربيعا من كرامة. أزهاراً من إصرار و عالما كاملاً من حرية. طفولة بلادي في رعونتها العذبة أيقظت طفولة في داخل كلّ منّا, حبّا للحرية و الاستكشاف, أسئلة لا تنتهي و معارف لم نكن ندري أنها متاحة لنا عدنا أطفالاً نهمين لكل شيء شرهين للإنسانية نداوي فقراًعاطفيّاً مزمناً بجرعات مضاغفة من حب وطن.

في يوم واحد ذهب خدري العاطفي مع الريح , و ثلاثمئة و خمسة وستون يوماً و أنا أعيش تجربة المشاعر. خوف , فرح , لا مبالاة, حزن, ايمان, توتّر , استرخاء حتّى مشاعر اللا مشاعر جرّبتها. خدري الذهني ذهب مع الريح أيضاً, و علمت يومها معنى عبارة كان يردده لنا أستاذ أغلب الظن لم يفهمها أيضاً في صف لا أذكره " شغّل مخّك". أصبح لموضوع التعبير الذي كان مفرغاً من معانيه " اكتب رسالة إلى مغترب تدعوه إلى العودة إلى الوطن"  ماهية يمكنني أن أبني عليها مغزى الرسالة.

اليوم, أتمنّى لو أن يديّ تسع لأضمّ كل أهل بلدي لأقبّل جباههم التي كتب عليها " الشعب السوري واحد", لنشرب قهوة عربية تشبه في مرارتها آلام دربنا و تشبه في رائحة الهيل التي تفوح منها نشوة الأمال المحققة و الإرادة التي لا تهزم. شعبي الذي بدأ و لن يهدأ حتّى يأخذ حقّه. لن يهزمه زمن و لن يخدعه قناع, شعبي الذي قال " الموت ولا المذلّة" لم ينتظر أحداً ليرسل له صدرية واقية من الرصاص بل وقف عاريا أمام طائرة حربية و قنّاصة و مدفع, شعبي العظيم قال " حريّة" و كل من سيصادرها كائنا من كان سيُنْفَى من ذاكرة الشعوب الى مجهول لن يعرف أحد إليه طريقا .

جربت أن أجد وسيلة لأشكر أهلي في كل شبر من بلادي و لكن الكلمات تصغر كلما كتبتها فأمحيها من جديد , فإن الكلمات في شعوبنا تموت حين تقال ...

إلى شهدائنا, إلى شبابنا في الساحات, إلى أمهاتنا اللاتي أنجبن أبطال الحرية, إلى كل جنديّ مجهول يعمل من أجل الإنسان, إلى كلّ حرّ يؤمن بالوطن.............. كل عام وأنتم وطن !
15-3-2011  

Wednesday, March 7, 2012

لا تبك ...... فأنا ماض أبحث عن الحياة


سنة .... كيف تمضي, و كيف مضينا. سنة بألف سنة..... كيف مضى!

أهل الكهف الذين ناموا تحت عروش الموت أفاقوا من نومهم جياع ..... جياع للإنسانية.
سنة بألف سنة . كنت ضريرا فأبصرت, كنت أصمّاً فطربت, كنت مشلولا فمشيت,و كنت أبكما فصرخت.... صرخت أنا حيّ! لم أمت, لم تقتلني بعد , ما زال الإنسان في جوفي حيّاً فيه بصيص نبض.

 خرج شاهقاً للحياة فقتَلتَه, و لكنه لم يمت , نهض و نفض عنه غبار رصاصة و عاد إلى بحثه عن الحياة. سجنْتَه و لكنه لم يَلِنْ, ترك لك رسالة مع الأصفاد, هناك في قبو التحقيق بجانب جهاز الكهرباء و أحرق بجسده المعتقل ثم خرج كإبراهيم ليكمل بحثه عن الحياة ... خرج عطشا للحرية, لم تسْقِه إلّا دما فازداد عطشا و اصرارا و واصل طريقه يبحث عن الحياة .

نظرت إليه يوماً؛ كان طفلاً ينظر الى شاشة تلفاز . قال لي : كل ما أريده هو أن أكون لي , و" أنا لست لي ".
أتى ضاحكاُ بعد شهر و قال : لقد عاد لي قلبي, تعال تحسس نبضي ! بدأت أحس بدم يجري في عروق جفّت تحت  حفنة نار حرقت أجسادنا لتوهم نفسها أنها الشمس في قبّة السماء. مرّت شهور أخر و هو يستعيد شريانا تلو الأخر عضوا تلو الأخر يوما بعد يوم.
  
لكنني فزعت. فزعت عليه و فزعت منه. لم أدري ما كان به, لم أدري ما حصل له, فقد خرج يوما و لم يخبرني بما سيفعل, لم يستمع الى استغاثاتي و مواعظي اليومية,(فهو لم يقرأ يوميات المثقف العربي في جرائد متعددة الألوان, فبين تشييع و غبار صاروخ و رصاصة لاوقت لديه الوقت ليتصفح الثرثرات الالكترونية)........ثم  رأيته ذات يوم هناك, صورة على التلفاز مدمّياً ملوّثاً مرميّا على الأرض. رأيته لحظة حنّطها مصور وأوقفها خارج نطاق الزمن, مسجّى بين الأيادي, محمّل فوق الأكتاف..... رأيته يومها و بكيت.

 ثمّ فاجأني . عاد مضرّجا بالدماء و أنا مضرّج بدمعي. ابتسم و مسح دموعي بطرف قميصه, قبّل جبهتي و ضمّني بين ذراعيه  ثم قال لي: لا تبك. تاريخنا أنقى من دموع تذرف على  جسد, و أشرف من حبر يكتب على ورق .... تاريخنا نكتبه بدمنا على أرض توّاقة لغيث و مطر ............. واعلم أنني لن أدفن ثانية تحت عروش الموت.

لا تبك بعد اليوم ....... فالدمع لا يليق بولادة وطن !!!

Sunday, March 4, 2012

سأقصّ ضفائري




كانت جدتي تغني لي بعد الحمام أغنية من تراث قديم مطلعها:
" شعرك طويل و بحب النَوم في ظِلُّو      و لأحلِف يَمِيْن الشِّتَا و الصَّيْف ما أحلُّو
و مَا رَاح بيِّك  للباشا و يقلّو             وعِنْدِي بنتي  بتِسْوَا عَسْكَرَك كُلّو 
و شعرك قَصَائِص دَهَب بِيحَيّرُو الجدَّال     و ما بِيْن شعرة و شعرة يِنْبت الرِّيْحَان
و ميِّة يِعِدُّو دَهَبْ و مِيِّة يِعِدُّو مَال       و مِيَّة يِرَاضُو أبُوكِي لَيْكُوْن زَعْلَان."
و لكنني سأقصه, سأقص جدائلي الطوال التي ربيتها سنة بعد سنة و تركتها تداعب أسفل ظهري تباهي ببريقها و تزرع الغيرة في قلوب الصبايا الأخريات.... 
سأقص ضفائري و أجعل منها حبلا لا لألف بها حزني على أخ و صديق, ولا لأضمد بها جرح أم ثكلت بأولادها ولا لكي ألف ربطات الخبز وأوزعها على أطفال جوعى في مخيمات خارج الحدود و داخلها و لا لكي أخرج جثثا تحت الأنقاض و ألفها قبل أن أواريها التراب ولا لكي ألفه على عنق صنم من أصنام عائلتك لأوقعه بالأرض ....
سأقص جدائلي و أجعل منها حبلا لأربط يديك و أترك حمزة ليأخذك  إلى المحكمة لتواجه حكمك و منها الى ما وراء القضبان أو الى المقصلة .

8-2-2012