Sunday, December 23, 2012

حلفايا اعذري صمتي ...





أخاف لأني ما عدت قادرة على الكلام .... صوتي يختنق في أزمة المفاجع.
أخاف لأنّ الأسود ارتدى السواد .... و الدم ما عاد يعرف مجراه و أين هي المقابر.
في كل شارع مقبرة و في كل بيت شهيد و في كل نَفَس رصاصة.
أنظر ....... أفتح فاهي للكلام، للصراخ و لا أجد سوى الصمت ينتظرني بخجل.
خجل الصمت و نظر لي بأسى .... أدار ظهره و تركني وحيدة مع عاصفة من شجن.
خبز و مجزرة ...... برد و مجزرة ...... قذيفة و مجزرة ........ لا شيء و مجزرة.
أخاف لأنني لم أعد أقوى على التعبير ، لم أعد أقوى على التفكير، لم أعد أقوى على الحزن.
يلفلفني الذهول و العجز و القهر، فما أفعل في زمن أصبحت الحياة تهمة و الموت روتيناً يومياً.
دموعي نزعت حرجها و أصبحت تنهار بلا إذن ..... تتحدى بوقاحة محاولاتي البائسة لكبتها.
تنهمر دمعة و أهم من جديد للكلام علّ الصوت يخرج الألم، ولكنه يخذلني و يتقوقع في حنجرتي و يتركني أصابر
أخاف من حقد زرع ضد إرادتي في داخلي، يأكل من ألمي و يكبر في داخلي و يشرب من دموعي.
أخاف أن يأكل الحقد قلبي، أن يأخذ جزءاً من روحي و يتركني فارغة من الإنسانية.
أين أذهب بهذا الحقد؟ أين أذهب بابن العار القابع في صدري.
تعودنا السواد
نتعوّد الحزن و الأسى، يخجلنا الفرح و يصبح الأسى نبيذنا و خمرنا و عاداتنا اليومية
خبزنا أصبح مغمساً بالدم و رائحة الرصاص
و أصبحت الإبتسامات ترف لأصحاب الحياة المنعزلة....... أحسدهم في كثير من الأحيان
أصبحنا ندخّن نحشو الغليون بذكريات المآسي و أسماء الأحبة المفقودين
نشعل الغليون و ننتشي بالشجن.
كل يوم غليون و قصص و صمت ............... و مجزرة جديدة.
 
حلفايا اعذري صمتي .... و لكن الحزن سلخ صوتي و تركه قابعاً مع رغيف الخبز

Tuesday, December 11, 2012

المسيح يولد في فلسطين و يصلب في الشام




ما زلت حتى اليوم لا استطيع أن أرى فيديو لطفل يموت في شوارع اللاشيء، رخيصاً كرصاصهم. تتناثر دموعه في كل مكان كمطر فوق المخيمات. لا أستطيع أن أصدّق بأنني أتعلّم بأنّ الموت قنصاً هو رحمة أمام الجوع في أحياء حلب الصوامع، أمام الموت عطشاً في دير الفرات أمام الموت ذلّاً في دمشق العزّة.

تحجّر قلبي يا أمي و ما عاد يحمل المزيد من الأسى. ها هو الميلاد قادم ها هو المسيح يولد في فلسطين و  يقتل كل يوم في الشام. حجارة الشام تغنّي آلامه في كل دقيقة. هو يولد في كل العالم أمّا في الشام فترتّل الأمهات الجمعة الحزينة بعد أن يغادر النعش أحضانهنّ. ها هو الميلاد قادم في كل مكان و لكنّ الإنسان يعلّق على خشبة في كل صباح.
 
في كل صباح تسجد الملائكة لآلام أطفال لم يعلموا أنّ أكاليل الشوك ستأتي قنابل و رصاص، في كل صباح تبكي العذراء ابنها مع آلاف الأمهات في الشام، فابناؤهم أيضاً طعّنوا بحربة ..... بحربة الكراهية.
يتوشّحن السواد و يرتّلن خلف الموكب :

أنا الأم الحزينة و ما من يعزيها"
فليكن موت ابنك حياة لطالبيها"

يا عذراء متى سيقوم المسيح ؟ متى ستنتهي هذه الجمعة الطويلة ؟   


Saturday, December 1, 2012

من كل مكان ..... هنا دمشق


من كل مكان في العالم ...... هنا دمشق  
من القاهرة هنا دمشق.
من بيروت هنا دمشق 
من باريس هنا دمشق 
من السجون و المعتقلات حيث لا يسمعنا أحد .... هنا دمشق 

هنا الشام ....... فرقة جين السورية


لماذا هذه الجملة؟ 

تاريخياً وفي عام ١٩٥٦ ...... و خلال العدوان الثلاثي على مصر كانت كل من إذاعتي دمشق و القاهرة تبدأ بثّها بجملتي 
"هنا دمشق" و هنا القاهرة"
   و عندما دمّرت أحد الغارات هوائيات البث الرئيسية لإذاعة القاهرة قبل أن يقوم عبد الناصر بإلقاء كلمته، ظنّاً بأنّ الغارة ستعزل القاهرة و ستمنع الصوت من أن يصل. صدحت اذاعة دمشق في حينها الجملة التي فاجأت الجميع:
"من دمشق هنا القاهرة" 

اليوم آخر ما توصل له التفنن بالتلاعب بأعصاب الشعوب و حرياتها و أبسط حقوقها، هو قطع جميع وسائل الاتصالات عن سوريا بأكملها. 
تخيّل معي بأنّ بلد بأكمله في القرن الواحد و العشرين ينعزل كليّاً عن العالم لمدة يومين (لا أدري لكم ستطول المدة ) ،لا انترنت لا اتصالات أرضية ولا اتصالات هواتف متنقلة. 
 .
.
طاقات الأمل ، الحزن، جرعات الوطن الإلكترونية اليومية. و حتّى جرعات الغباء في كثير من الوقت فُقدت بين ليلة و ضحاها من أمامنا و لكن لسبب ما كانت هذه الكارثة ذات تأثير أكبر عمقاً على السوريين و خصوصاً المغتربين . كأطفال فجأة عزلوا عن أمهم كانت الصدمة بالنسبة لهم. على اختلاف البلاد التي توزعوا عليها، جمعتهم لهفة محبّ لوطن واحد، فقالو أنهم المنبر الدمشقي رمز سوريا، رمز البلد، رمز الصوت العالي الذي لا يخرّس. من كل بقاع العالم، من كل الطوائف و حتّى يمكنني المجازفة و القول من كل الأطياف السورية، جميعهم تعانقوا.
كصوفي ينخطف روحاً و يتوحّد مع الله، توحّدوا في دمشق  
 ثم صدحت منابرهم من كل مكان 
من كل مكان في العالم ......... هنا دمشق 

اليوم السوريون و غيرهم يقولون بأنّهم صوت من في الداخل، لن تُعزل دمشق .... لن تعزل سوريا أبداً