Sunday, September 29, 2013

مرهف ...... شهيداً




تجيد الحياة انهاء لحظاتي الجميلة ، وحينما تعجز توكل  القتلة على الأرض  بالامر

كتب لنا مرهف مرّة ، " في حال استشهدتوا نزلوا بيت هالشعر في حال نزلتم نعوة
اقتلوني مزقوني أغرقوني في دمائي لن تعيشوا فوق أرضي لن تطيروا في سمائي"

ما أملكه عن دير الزور من ذكريات لا يتعدى الأربع صور و اسمين لملمتهم قليلاً خلال زياراتنا المبعثرة للمدينة.
حازلت جاهدة في ثلاث سنوات أن أجمّع ذاكرة مختلفة، أن أبحث عن نبض المدينة و أن أجمع ذكرياتي من خلال من عاشوا فيها.
كل ما لديّ عن المدينة هم سبعة أو ثمانية أشخاص.... أكثر أو أقل.
ذاكرة بشرية حيّة.

ذاكرتي تمحى يا صديقي ......و أنا لا أملك إلّا الفجيعة.

مات مرهف...... بكل بساطة، شظيّة قتلت مرهف، قاتل أمر بإنزال القذيفة، و مات.
ذاكرتي تموت يا صديقي، و قلبي تأكله النيران الباردة.
في هول الهستيريا التي حلت بي البارحة، أفتح حسابه الفسبوكي،

" مرهف
رد عليي
رد عليي"

لا جواب ..... صفحته غصت بالمرتحمين ، كيف ؟ ماذا حدث ؟ لماذا ؟
أسئلة لا جواب عنها....
كيف يمكن أن شخصاً كان موجوداً منذ أيام، تكلمت معه تبادلنا عدّة عبارات و كل منّأ عاد لحياته، كيف يمكن ألا أجده اليوم.
ماذا يعني أن يموت الإنسان؟ و لماذا يموت؟

مرهف ....... ههههههه أتذكر عندما علّقت لي على صورة من صوري مع وشاح على رأسي، بأنّ الحجاب يليق بي و نهرتك بلطف بأن لا تبشّر على صفحتي، كم ضحكنا يومها.
تبا لك ..... لماذا رحلت؟
أتذكر مشاجراتنا الجميلة على كتابات سيد قطب و الإخوان ...... تبّاً لك، لماذا رحلت باكراً هكذا.
لا أذكر بماذا وعدتني في المستقبل ...... أكلة ثرود أم سياحة ديريّة مكثفة .
تباً لمن قتلك........


آآآآآآآآآآآآآآآآآخ ........... ديرالزور بالنسبة لي هي والدي و عدد من الشباب.
في كل يوم ينقصون واحداً.
ديرالزور حزينة، تتعكّز على الذكريات لتلملم ما بقي من أشلائها.
مرهف يا صديقي الجميل، يا اسمراني و عيون ملونين...... كيف أشرح لنفسي ما يحدث ؟
  

آآآآآه يا مرهف ........ آه

كيف ترثي قلبك و ذاكرتك و نفسك ؟ كيف ؟ 

Wednesday, September 25, 2013

موزاييك ..... دمشق، بيروت، صنعاء



أسترجع ذكرياتي  ماذا كانت تحوي حارات دمشق من تحف ..... صدأ في الذاكرة
أصبحت أسمي الموزاييك " علب الخشب اللي من الشام القديمة.
ههههه ثقيلة هي المزحة عندما نبدأ ننسى...... أصبحت أسمي " اليبرق" ورق عنب و 
تأخذني خمسين ثانية لأذكر بأن جدتي لا تسميه كذلك. 

دع عنك كل ذلك ....... قررت أن أشحن هدية لصديقي في اليمن :)
نعم في اليمن ...... بين كل أصدقائي في كل بقاع العالم ....اخترت اليمن.
أردت إرسال رسالة ...... لأنني أحبّ الرسائل جداً .... ريتك صديقي ترسل لي الرسائل بيومياتك المتكررة و روتينك الممل.
جميلة هي الرسائل. 

مهلاً ....شرود في الذاكرة، دعنا نعود لهديتي الأولى عبر البلاد. 

فارع ..... صديقي اليمني . جلب لي بخّوراً من بلاده. أكره البخور أنا عادة .
و لكنها أجمل هديّة تلقيتها يوماً ، أكثرها صدقاً و أحلاها رائحة. أحجار لها رائحة الورد و شيء حلو رائع. منذ ثلاث سنين لم اشعل من أحجارها حجراً، افتح العلبة أشمّها أبتسم بعمق ثم أعود لإقفالها.
قال لي أنّ والدته اختارت البخور ...... ابتسمت. أحب الأمهات و ما ينتقين.
شال دمشقي لوالدة فارع ....... تلك المرأة في قرية في وسط اليمن.
في بالي يتأرجح حقل من القات، منزل منفرد و سيدة تخبز صباحاً تلك هي والدة فارع، جميلة، نحيلة كإبنها تفوح منها رائحة بخور حلوة الطعم.

فارع ........ فكرت أن أرسل لك كتاباً ، و لكنك لئيم فيما يتعلق بالقراءة ، ستنتقد لساعات ذوقي و تظهر كل براعتك الديبلوماسية و غير الديبلوماسية لإخباري بأن الكاتبة " تتفزلك" و أنّ هذه الكلمات على الورق مجرد ترف لا وجود له في عالمك.
سأهديك صندوقاً من الموزاييك عوضاً عن الكتاب أو علبة خشب من الشام القديمة.
علّك تضع فيه بخوراً..... قات أو رسائل و أوراق تحبها أو تكرهها. 
لن تنتقد شيئاً دمشقياً أو سورياً .... أعلم حبك لهذا البلد.
فارع ..... البارحة كان شتاءاً جميلاً في بيروت ...... وضعت وشاحي اليمني المطرز على رقبتي و مشيت في الحمرا تذكرتك تذكرت مزاجك العكر و ضحكت. سأراك يوماً وأعود إلى كره مزاجك مرة جديدة رغم أنّي أشتاقه في هذه الأيام.
أعلم أننّي سأزورك يوماً ....... أستطيع رؤية نفسي في شوارع صنعاء مع شاب في زي مزركش و قات في فمه (لم أعتدك هكذا) و خنجر. ..... حاول أن تخفف من
مزاجك العكر يومها.


صديقي ..... ما زلت هنا. كان ذلك فارع.
نعم ...... علبة موزاييك دمشقية بين دمشق و بيروت و صنعاء .
عرفت اليوم ماذا سأرسل و لن أسميها يوماً "علبة خشب من الشام القديمة".
فهي أكثر من مجرد علبة.


Wednesday, September 4, 2013

صديقي المعتقل و أنا ..... في أكثر الأيام عادية







قد يبدو ما أكتب مجرد رسالة أخرى من أحدنا لصديقه أو عن صديقه المعتقل، المبعد، المخطوف ..... أو ببساطة غير الموجود.

قد تبدو للبعض كليشيه، نعم…... فقد أصبح الفقدان ممارسة يوميّة نحتسيها مع القهوة الصباحية و ننعم ببصقيعها في كلّ ليلة بدلاً من هواء التبريد.

رأيت حساب السكايب الذي بقي من جميع ما حذف من حساباتك الالكترونية.
كتبت : "  كروم ..... اشتقتلك ..... يالله ارجعلنا بقا.
      كروم عم اتدرب ع هلهولة عرسك .... تعال بقا "

هل أنت هنا يا صديقي ؟ مونولوج يومي يدور بيني و بينك أتذكّر كيف علمت بخبر اعتقالك .... كم كرهتك " لغبائك" كم لعنت تهورك. ثم حزنت ثم بكيت ثم قررت أن "أضبط نفسي" .

ماذا سأقول لك عندما تعود ... هل سأرسل "بهدلة طويلة عريضة " مع تأنيب شديد اللهجة لأنك جنيت على نفسك ؟
أم سأكتفي بابتسامة زلغوطة رقصة سكرة حتى الصباح احتفالاً بابتعاد شبح الفقدان بضع خطوات للوراء.
أعود إلى رشدي ..... ماذا تفعلين بنفسك؟!! ماذا لو لم يعد ؟ّ!!


إنني أخاف الفقدان و أكره الصقيع كثيراً و لا أريد احتساء المآسي مع قهوة الصباح فهي مرّة كفاية لإيقاظي.
لم أستطع بعد مصادقة الموت، و لم أستطع بعد مصادقة الغياب كحال الجميع حولي.

أرفض ........... علّني أذكر مع كل ألم بأنني إنسان و أنني ما أزال حيّة.

كرم ……. لا أعلم ما أكتب لك في رسالة كهذه. ستعود أليس كذلك ؟ كثيبرون ذهبوا و عادوا و أنت ستكون مثلهم.

أليس كذلك ؟

. .
أفكار مبعثرة هنا و هنالك في يوم يشبه في عادته كل الأيام
ثم أعود لفنجان قهوة لأحتسيه و أفرض طبيعيّة قسرية على يومي المتكرر . .